شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
249801 مشاهدة print word pdf
line-top
صيام يوم الجمعة

وقال: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده متفق عليه .


ثالثا: صيام يوم الجمعة
قوله: وقال: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده .
نهى عن تخصيصه بالصوم، وذلك لأنه عيد الأسبوع، ولأن فيه هذه الصلاة التي يأتونها من بعيد، فلذلك لما كان عيد الأسبوع كره صومه، ولكن المكروه هو إفراده، أما إذا صامه مع غيره فلا بأس.
رابعا: صيام يوم السبت .
هناك حديث مروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه فهذا الحديث أشكل على بعض العلماء، فقالوا: لا يجوز صوم يوم السبت إلا في رمضان أو في قضاء رمضان، ولكن الصحيح أن قوله: فيما افترض عليكم، أي: فيما شرع لكم، فيجوز أن تصوموه فيما هو مشروع ومندوب، فكأن النهي عن تخصيص يوم السبت بالصيام، لأنه عيد اليهود، فعيدنا يوم الجمعة وعيدهم يوم السبت، فصيامه كأن فيه موافقة لهم على تعظيمه واحترامه.
وقد نهاهم الله عن العدوان فيه في قوله: لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ [النساء: 154] فأما إذا لم يخصص فلا بأس، فإذا صامه مع أيام الست، وكان فيها يوم السبت فلا بأس، وكذلك إذا صامه في أيام البيض وكان هو أحد أيام البيض فلا مانع من ذلك أيضا.
وكذلك إذا كان يصوم يوما ويفطر يوما، فأفطر يوم الجمعة وصام يوم السبت فلا بأس بذلك، وكذلك إذا صادف يوم عرفة أنه يوم السبت، أو يوم عاشوراء أنه يوم السبت، فإنه يصام على أنه يوم عرفة لا على أنه يوم السبت.
وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام في أوائل كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم حيث أن الكتاب موضوعه في النهي عن موافقة أصحاب الجحيم، فقال: إذا كانوا يعظمون يوم السبت فلا يجوز تخصيصه تعظيما له، ولكن إذا صامه لمناسبة ولسبب فلا يكون موافقا لهم.

line-bottom